كان الانفعال مكونًا أساسيًا في الانتفاضات العربية، ولا يزال وسيطًا مهمًا لتشكيل السياسة اليومية في الشرق الأوسط وخارجه. مع ذلك، وإن كنّا نشهد بدايات التفكير في الانفعال باعتباره جزءًا لا يتجزأ من دراسات الحركات الاجتماعية، فإن محاولات التحكم في الانفعالين الفردي والجماعي في ممارسة فن الحكم تظل غير مدروسة على نحو كافٍ، رغم الأدلة القوية على أن الانفعال والعاطفة مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالسلوك السياسي وصنع القرار في مجموعة واسعة من القضايا تمتد من تفضيلات الناخبين إلى السياسة الخارجية. تبحث هذه الدراسة في كيفية حدوث مثل هذا التحكم، وتنظر إلى الجسد الحسي جسرًا وموقعًا رئيسًا للتفاعل والمنافسة لمشاريع متنوعة تسعى للتأثير في النتائج السلوكية، من خلال التلاعب بالفضاء العام. ومن بين الحواس الجسدية، تميّز الدراسة المجال السمعي بصفته مولِّدًا فعالًا للانفعال، وتفحص تشابك الصوت والسمع والسلطة في الأساليب التي ينخرط بها الجسد الحسي روتينيًا في مشاريع الدولة. وتعتمد الدراسة على أمثلة من الاحتجاجات التي تردد صداها عبر الشرق الأوسط خلال الفترة 2010-2012، وتؤطرها مع سوابق تاريخية مستقاة من أعمال الأرشيف الأصلي، لتربط بين الخبرة الفينومينولوجية والنتائج السياسية بغية الكشف عن الكيفية التي تهندس بها النخبة والفاعلون الثانويون، على حد سواء، المدخلات الحسية مثل الصوت، لإحداث تأثير سياسي. وبذلك أحاجّ بأن كلًّا من الفهم الأفضل لتقنيات وطرائق التحكم التي تدخل في هيكلة البيئة الحسية شرطٌ مسبق ضروري لإدراك دور الانفعال والعاطفة في السياسة.