تستكشف هذه الدراسة اللغز المحيّر الكامن وراء انخراط حزب الله ضدّ الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة على غزة، فتطرح أسئلة من قبيل: لمَ اقتصرت حربه على المنطقة الحدودية بين لبنان وإسرائيل؟ ولمَ لم ينخرط في قتال واسع مع إسرائيل شبيه بحرب عام 2006؟ ولمَ ولج الحربَ في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر، على الرغم من القيود الداخلية والإقليمية كلها التي واجهها؟ تعتمد الدراسة على نظرية الأمن الأنطولوجي، وعلى مجموعة من البيانات الأولية، وتخلص إلى أن حزب الله واجه مأزقًا: فإنْ هو امتنع عن دعم حلفائه الفلسطينيين، فسيهدّد ذلك أمنه الأنطولوجي (كينونته الأساسية، وسمعته، ودوره باعتباره حركة مقاومة)؛ وإنْ هو انخرط، خلاف ذلك، في حرب واسعة ضد إسرائيل، فسيعرّض أمنه المادي للخطر. وقصد التصدي لهذا المأزق، انخرط حزب الله في حرب مقيّدة، الهدف منها استعادة أمنه الأنطولوجي والحفاظ على تماسك محور المقاومة وبقائه؛ هذا المحور الذي ينتمي إليه على الصعيد الإقليمي، وحزب الله في قيامه بذلك، كان يسعى لرسم المستقبل أيضًا، على نحو ما تُحاجّ به هذه الدراسة.