ركزت الدراسات الاجتماعية على الاستعمالات السياسية والأيديولوجية للدين، ولم تهتم إلا نادرًا بظواهر دينية يومية مرتبطة بعموم الناس كالصلاة، اللباس، اختيار الشريك، والقروض المصرفية. وتحاول هذه المقالة إبراز أهمية دراسة التدين في علاقته بالمعرفة المشتركة والنقص الذي قد يعتري التحليل الذي يقتصر على خطاب المختصين، علماء كانوا أو أيديولوجيين. لا نجد أي تعارض بين دراستي التدين والاستعمالات الأيديولوجية لدين ما. لهذا الغرض نقترح بعدًا آخر ينطلق ويشدد على دراسة المعرفة المشتركة من دون إغفال علاقاتها بالاستعمال الأيديولوجي للدين. إن نجاح الأيديولوجيات يعتمد على القدرة على تبسيط مقترحاتها وجعلها في متناول الجمهور العريض. والمثل الأعلى للأيديولوجيات الشمولية هو اختراق مختلف المجالات المجتمعية وغزوها، انطلاقًا من ما هو مرئي، كالهندام واللباس، إلى ما هو حميمي، كالأذواق الموسيقية و الحياة الجنسية. وهذا ما يفسر اختيارنا للباس المرأة الذي أصبح موضوعًا للخطاب الديني والأيديولوجي وعنصرًا بارزًا للتدين. وأبرزنا أن المعرفة المشتركة بخصوص اللباس التقليدي كانت المهيمنة بمفرداتها وتصنيفاتها وتبريراتها، بينما كان الخطاب الأيديولوجي هامشيًا والخطاب الديني شبه غائب. وصفنا كيف كان الحجاب في المرحلة الأولى لانتشاره أشد ارتباطًا بالت ريرات والسلوكات الدينية. بعدها ركزنا على عملية «الروتنة» (أي الاعتياد) التي تتميز باستيعاب ما هو جديد وغير مألوف في إطار العالم المألوف الذي تهيمن عليه المعرفة المشتركة.