تسلّط هذه الدراسة الضوء على كيفية لجوء المواطن العربي إبان الربيع العربي إلى الإنترنت لمواجهة آليات الرقابة التي تعتمدها أنظمة استبدادية، كما تحاول أن تُبرز أن نجاح ثورات الربيع العربي في إسقاط أنظمة راجع في وجه من أوجهه إلى عجز تلك أنظمة عن تحيين آلياتها واستراتيجياتها للمراقبة والتحكم وتطوير هذه الآليات والاستراتيجيات. ولكون الشبكات الاجتماعية وغرف الدردشة الرقمية توسَم بكونها وضعيات غير كفية، فإنها وفرت لمستخدمي "النِّت" جملة من الإمكانات غير قائمة في واقعهم اليومي، ومنها إمكان إخفاء هويتهم الشخصية، وتحييد المركز، والتروي في ردة الفعل، والحصول المباشر على المعلومة، واللاستقطاب.... الشيء الذي مكّنهم من الانفلات من أشكال المراقبة والتحكّم اللذين تمارسهما السلطة القائمة، ومن امتلاك الجرأة الكافية للحديث عن موضوعات ممنوعة لم يكن في مقدورهم تداولها في معيشهم اليومي.