عمَّ نتساءل حينما نبتّ اليوم سوسيولوجيًا أمر الفرد والفردانية في بيئات اجتماعية غير غربية كما هي الحال في المثل التونسي؟ الإشكال المطروح هنا هو مفهومي بدرجة أولى؛ اذ يطرح تحديًا نظريًا على علم اجتماع الفرد، خصوصًا في تنوّع سياقاته المجتمعية والثقافية. يتعين تجنّب السقوط في المقارنات مع صورة نموذجية للفرد الحديث في الغرب حتى نبحث عن نظائرها أو أشباهها عندنا. سنعتمد في المقابل مقولة الفردنة بما هي صيرورة يجسّمها فعل الأفراد وأشكال وجودهم الاجتماعي اليومي؛ صيرورة محكومة بخصوصية سياقات تنزلها واقعيًا في بيئتها قد يتمخض عنها تكوين معين للفرد وللفردانية ؛ فحينما أقول "من الأنا" الساكن في أو الذي ألبسته قناعًا اجتماعيًا لكي يتعين علي في ما بعد المطالبة بالاعتراف به خلال التنازع فيه مع الآخرين، فإن تصريف سؤال من هذا القبيل لن يتوقف فقط عند المطالبة بالحقوق المدنية والإنسانية بل سيتعدى إلى النظر في التشريطات الذاتية والمجتمعية التي قد تسعف أحدنا لكي يكون حقيقة فردًا مميزًا وله قداسته الشخصية ... تعقب شعاب الفردنة سيتم على ارضية تجربة التحديث الوطنية ومجرى عصرية حياتنا الاجتماعية المتدفقة باستمرار. في كلٍّ من هذه الشعاب، هناك فردانية قطاعية مقترنة بخصوصيات مجالها وبيئتها. المعالجة المفهومية ستحيل إذن إلى معاينات تطبيقية نأمل أن تنجز ميدانيًا .