تهدف هذه الورقة البحثية إلى إلقاء الضوء على إشكالية الهوية والانتماء لدى الشباب الفرنسيين من أصول عربية وإسلامية، والإحاطة، قدر الإمكان، بالعوامل النفس- اجتماعية التي تدفع قسمًا منهم إلى "رفض" الهوية الفرنسية، والإصرار على إظهار هويتهم العرقية والدخول في علاقة صدامية مع المجتمع الفرنسي. تفترض هذه الدراسة أن التصنيف الذاتي العرقي (الهوية العرقية) لا علاقة له برغبة الشخص في الاندماج الاجتماعي، ولا يعبّر عن انطواءٍ هوياتي، وإنما هو استراتيجيا دفاعية لمواجهة سياسة الانصهار التي تفرضها فرنسا على المهاجرين وأبنائهم. كما تفترض الدراسة أن الشباب لا يرفضون الاندماج في المجتمع الفرنسي، وإنما يرفضون التماهي معه، ويأتي السلوك العنفي تعبيرًا عن هذا الرفض. وهو بذلك قادر على التمييز بين آليات "الاندماج" والتكييف الاجتماعي من جهة و"التماهي" في المجتمع الفرنسي من جهة أخرى. اعتمد الباحث في تنفيذ هذا البحث المنهج الوصفي التحليلي المقارن من أجل الوصول إلى تحقيق أهدافه. وللتحقق من صحة الفرضيات الإجرائية، قام الباحث بتصميم استبانة مؤلفة من أربعة أجزاء، وتطبيق دراسة ميدانية تشمل عيّنة من الشباب الفرنسيين تضم شبانًا وشابات من الجيل الثالث متحدرين من أصول مغاربية، وشبانًا وشابات من الجيل الثاني متحدرين من أصول تركية. وتراوح سن هؤلاء بين 14 و 24 سنة.