منذ اندلاع ما يُصطلَح عليه بالربيع العربي في المنطقة العربية، تَطرح مسألة الهوية والمطالب المتعلقة بها إشكالات متعددة الأبعاد؛ ففي دول هذه المنطقة، تُفترض الاستجابة الفورية للمطالب السياسية المتعلقة بالاعتراف بالهويات الجماعية والفردية المتصلة باحترام الحقوق الأساسية الفردية والجماعية من جهة، وتدبير المخاطر الأمنية والسياسية الناجمة عن ذلك من جهة أخرى. يحدث ذلك في سياق اجتماعي وسياسي عربي يقوم أساسًا على منطق التدبير الشخصاني للتوحد بدلًا من التدبير المؤسسي للاختلاف، وهو ما يعقّد صيرورة الانتقال نحو الديمقراطية وبناء دولة القانون والمؤسسات. ويزداد التعقيد في غياب نقاش نظري سياسي وثقافي عمومي، يسمح بتحديد دقيق لسقف السياسات الهواية الممكنة والواجبة ولمضمونها في المنطقة في أفق تحقيق دولة القانون الديمقراطية. لفهم المخاطر والفرص المترتبة عن هذا السياق السياسي، يجب الوقوف عند الزوايا التالية: الزاوية النظرية والمنهجية، التي تساعد على مقاربة إشكالية الهوية مفهومًا علميًا كثيرًا ما يساء فهمه أو شحنه بعدد كبير من الرؤى والتصورات الأيديولوجية والإقصائية، بل وحتى العنصرية في بعض الحالات؛ زاوية العنف والمخاطر الأمنية اللذين تنتجهما جدلية السلطوية والمطالب الهوياتية؛ زاوية السيناريوهات المحتملة لتدبير المخاطر المتعلقة بالاعتراف بالهوية، في ضوء التجارب السياسية الدولية في هذا المجال، مثل النماذج الإسباني والإيطالي والفرنسي.