ظلت مدينة فاس القديمة، وهي واحدة من أبرز المدن التراثية الإسلامية وأكبرها في العالم العربي، محافظة، ولقرون كثيرة، على طابعها التقليدي، خاصة ما تعلق بشكلها المورفولوجي وبشبكة طرقها التي تتميز بتخطيط خاص جعلها متفردة ومغايرة لما يمكن ملاحظته في المدن التي أُنشئت إبان المرحلة الاستعمارية أو في فترة الاستقلال. وقد شكلت هذه الشبكة الطرقية وحدة عضوية متجانسة على الرغم من التباين في وظيفة كل صنف من أصنافها المختلفة، وإليها يعود الفضل في جعل مدينة فاس القديمة أكبر مجال للراجلين في العالم. إلّا أن ذلك لا يعني أن المدينة بقيت بمعزل عن التحديات التي بات الواقع الحالي يطرحها، خاصة على مستوى التنقل وحركة المرور، فمع ظهور وسائل النقل العصرية وازدياد الحاجة إلى خدماتها، هذا بالإضافة إلى تزايد تدفق المارة والسياح وأيضًا الأنشطة والخدمات، أصبحت المدينة القديمة تواجه تحديًا كبيرًا يتعلق بمسألة الولوجية، وهي تحدٍ بات يُطرح بحدة، ولا سيما في ظل الحديث عن مدينة فاس القديمة كمدينة لها حمولة تراثية ذائعة الصيت. إن رفع التحدي المتعلق بالولوجية يُعَدّ من الأسس الكفيلة بإنقاذ نسيج فاس الحضري القديم ودفعه نحو المساهمة في تحريك عجلة التنمية المحلية. وفي هذا الصدد، حظيت مدينة فاس القديمة بنصيبها من الاستراتيجيات التي تروم إنقاذ المدينة وردّ الاعتبار إليها، حيث استهدفت هذه الاستراتيجيات البنية التحتية للمدينة القديمة، مركزة على شبكة طرق الراجلين، والمداخل الخمسة المخصصة للنقل العصري، إلى جانب ما تتوفر عليه من مواقف لركن السيارات.