أين فلسطين؟ أين فلسطين في العالم، ولا أعني العالم الفيزيائي فحسب، بل والعوالم الأخلاقية والخيالية، تلك العوالم القوية سياسيًا التي اعتدنا على تمييزها بالعوالم الاستعمارية، أو ما بعد الاستعمارية، أو حتى العوالم التي فككت الاستعمار؟ وعندما نتحدث عن "الأدب العالمي" أو "السينما العالمية"، فهل في هذه العوالم التي تحظى بتنظيرات عالية مكان للأدب الفلسطيني أو السينما الفلسطينية من دون أن تناقض نفسها ولا أن تتعامى عن حقيقة فلسطين؟ وإذا لم يكن فيها مكان لفلسطين، فهل ثمة مشروعية لهذه التصنيفات التي لا تمثل أمةً أو شعبًا، أو فضاءً مشحونًا بالعواطف، يقع وطنُه تحت احتلال مستعمر استيطاني؟ مقالي هذا هو تدقيق في عالم مثل هذا، يبدأ بكاتب فلسطيني ثوري، هو غسان كنفاني، أتناول من قصصه قصةً واحدةً قصيرةً، لأكشف كيف يُكوّن أولئك الذين قرؤوها ومثّلوها ومسرَحوها وحرسوا قيمتها الخالدة لَبناتِ عالمٍ حقيقي يفكك جميع تلك العوالم الوهمية التي لم يكن لها من شغل غير إنكارهم والتقليل من قيمتهم ومحوهم.