تقدم هذه الدراسة قراءة لنمطٍ جديد من أنماط التدين برز فاعلًا في ثورات ميادين التحرير العربية، ألا وهو التدين الشبابي. وتعتمد هذه المقاربة على وعي الدين كنظامٍ ثقافي، في محاولة لتقديم مساهمة سوسيو ثقافية، تحلل العلاقة التي تربط بين أنماط إنتاج التدين ومعطيات البنية الاجتماعية، في المجتمعات العربية ذات التركيب التنضيدي. وتقوم هذه الأطروحة على فرضية مفادها أن تطور وسائل الاتصال/ التخيل وكثافة انتشارها في المجتمعات العربية، أديا إلى بروز حيزٍ عامٍ جديد - وإن كان افتراضيًا - قام بكسر رابطة الشيخ - التلميذ، التي كانت الأساس الذي شيد عليه الإسلام الحركي نسقه التربوي. وحين حدث ذلك، باتت الذات الاجتماعية العربية مطلعة على أكثر من مصدرٍ للمعرفة الإسلامية- السياسية، لتنتقي منها ما يناسبها، أو تتبنى فكرة أو عدة أفكار من دون الحاجة إلى الانخراط في النسق التربوي للمؤسسة الأيديولوجية. هكذا أدى انتشار منتجات العولمة في الطبقات الوسطى والشعبية، إلى نسج مجالٍ عامٍّ افتراضي، جعل الدين بوصفه نظامًا ثقافيًا، يفلت من قبضة المؤسسات الاجتماعية التقليدية، ليصبح في متناول حالة فردانية/شبابية، فككته إلى قِيَمِيّاتٍ، واستعملتها في سبيل إعادة استدعاء حاجاتها الاجتماعية والحقوقية.َّ