اخترنا الاشتغال بقضايا المرأة لدى بعض ممثّلي الحركة الإسلامية في تونس إيمانا منّا بأن البحث في نظام الحكم الديمقراطي لا يمكن أن يقتصر على المستوى السياسي، وإنّما من الضروري أن يمتدّ إلى المستويات الأخرى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها. ولمّا كان نظام الحكم الديمقراطي يقتضي حفظ حقوق الإنسان عامة وحقوق المرأة خاصة والدفاع عن تلك الحقوق أملًا بتحقيق المساواة بين الفئات الاجتماعية وبين الجنسين، عدّ ذلك من معايير تبنّي أي نظام حاكم للديمقراطية. في هذا الإطار، سعينا إلى النظر في موقف حركة النهضة التونسية من المرأة وبعض من القضايا المتصلة بها، ساعين إلى تقليب النظر بين الخطاب الفكري النظري من جهة والممارسة السياسية والعملية من جهة أخرى. فاخترنا أن نتوقّف أولًا عند مسألة تعدّدد الزوجات من خلال نماذج لمواقف زعماء حركة النهضة، لنرى إلى أي حد كانت متجانسة في ما بينها من ناحية وفي ما بينها وبين مجلةة الأحوال الشخصية والواقع التونسي من جهة أخرى. وبعد ذلك بتحليل موقف حركة النهضة من رئاسة المرأة للدولة ومشاركتها في الحياة السياسية. إن فوز الإسلاميين بمقاليد الحكم يجعل المقارنة بين الأفكار والوعود الانتخابية التي يطرحونها وبين الممارسة مسألة مهمة. كما إن لمواقف الإسلاميين من المرأة خصوصيتها في تونس، لأن مكاسب المرأة في هذا البلد تفوق كثيرًا ما تحقق لها في أكثر البلدان العربية. وقد انتهينا، بعد معالجة الآليات التي اعتمدها قياديو حركة النهضة التونسية للتكيف مع واقعهم ومجتمعهم التونسي، والسلطة المرجعية التي حكمت تفكيرهم، إلى أن المستويين النظري والسياسي الخاصين بالمرأة غير منسجمين، وهو ما قد يعني أن دعوتهم إلى مشاركة المرأة في المجال السياسي ليس مبنيًا ربما على ايمان حقيقي بمساواتها بالرجل وإيمان حقيقي بحقوقها المدنية والسياسية.