ظلت قضية المواطَنة المتساوية محور النزاعات المتطاولة في السودان منذ ما قبل استقلاله؛ فقد قام الانتقال من الأطر التقليدية التي حكمت مسألة المواطَنة في مرحلة ما قبل الاستعمار على «لصق» مفاهيم حديثة للمواطَنة في المرحلة الاستعمارية من دون أن تسندها ثقافة مواطنية، أكان على مستوى النخب أم على المستوى الجماهيري. ومع نشأة تيارات الإسلام السياسي ودعوتها إلى الدستور الإسلامي، بدأت في التبلور جوانب تعارض بين المحمولات الأيديولوجية والدستورية لهذه التيارات ومفهوم المواطنة المتساوية، كما بدأ بدواعي الواقع السوداني الشديد التنوع جهد تجديدي وإصلاحي قابل للمواءمة بين الفكر الإسلامي واستحقاقات المواطنة. وينصبّ جهد البحث على تقصي جوانب التعارض مع استحقاقات المواطَنة المتساوية في فكر التيارات الإسلامية في السودان، كما الجهود الفكرية التجديدية والإصلاحية التي أطلقها هذا التعارض، وذلك من زاوية موقف التيارات الإسلامية من المرأة والأقليات المذهبية.