تَوَسَّعت منظومةُ التعليمِ العالي في الوطنِ العربيِّ، وازدادتْ معها حِدّةُ التحدياتِ التيْ تواجِهُهَا الجامعاتُ العربيةُ، وقد تجلّتْ تلكَ التحدياتُ فيْ الفجوةِ بينَ مخرجاتِ التعليمِ العاليْ ومتطلباتِ سوقِ العملِ، وانتشارِ بطالةِ الخريجين، وضعف البحثِ العلميِّ، وعَدَمِ القدرةِ علىْ مُواكبةِ التطوّراتِ التقنيةِ المُتسارعةِ. واْصبحتْ الجامعاتُ العربيةُ مطالبةً أكثرَ مِنْ ذِيْ قَبْلُ بتنفيذِ أدوارِها التنموّيةِ بكفاءةٍ وفاعليةٍ. لذاْ؛ فَقدْ عَمَدتْ هذه الدراسةُ إلى توظيفِ نموذجِ الجامعاتِ البحثّيةِ الهادفِ إلى إستطلاعِ حوكمةِ التعليمِ العاليْ في الوطن العربيِّ، وَمَدىْ جَذْبِ الجامعاتِ العربيةِ وتركيزِها للمواهبِ من الطلاب والأكاديميين والباحثين، ومدىَ تَمّتعها بالتمويلِ الكافي. وقد شَكَّلتْ الأركانُ الثلاثةُ تلك مدخلاتِ نموذجِ الجامعاتِ البحثّيةِ عالميةِ المُستَوىْ، وَمنْ ثَمَّ بَحَثَتْ الدراسةُ في أثرِ هذهِ الأركانِ الثلاثةِ في مخرجاتِ نموذجِ الجامعاتِ البحثّية، وهِيَ: جَوَّدَةُ البحثُ العلمُّي، وَجَوْدةُ الخريجين، وَقدْرُة الجامعاتِ على نقلِ التقنية وتوطيِنها في العالمِ العربيِّ. اشتملتْ عيّنةُ الدراسةِ على سُبعماِئة واثنَتَيّنِ وَأربَعْين (742) أكاديميا من تسعِ عشرةَ (19) دولةً عربيةً، وقد استخدمتْ مجموعةٌ مِنَ المقاييسِ الإحْصائيّةِ الوصفيّةِ المعلميّةِ وغيرِ المعلميّةِ، فضلاً عن نماذجِ الانحدارِ المُتَعدّد. بَيّنتْ نتائج الدراسةِ أَن الجامعاتِ التي طَبّقَت أسسِ الحوكمةِ الرشيدة، وحَقَقتْ جَذْبًا وتَركيزًا للمواهِبِ لديها فَضْلا عَنْ توفير التمويلِ الملائمِ استطاعتْ تحقيقَ تميّزٍ في جَوْدَةِ مُخْرَجاتِها من البَحْثِ العِلّمِيِّ والخريجين، وأَسْهمتْ فِيْ نقلِ التقنيّة وتوطِنها.