بالاعتماد على جملة من الشهادات الحيّة والمكتوبة وتقارير مختلفة، والإحصائيات الرسمية المتوفّرة مطعّمة باستعراض أهم النصوص القانونية، ينطلق النص من تصاعد جماهيرية الجامعة العمومية التونسية وفرط مركزيتها ومراحل تغيّراتها الهيكلية ليقف على مشاكل التسيير والحوكمة والبيداغوجيا والمردود الداخلي والخارجي التي تسم المؤسسات الجامعية التونسية وعلى الأخص خلال العشريتين الأخيرتين. وإذ يعتبر النص أن تلك المشاكل ذات أثر مباشر في تكييف مهنة الجامعي لدى ممارستها يوميّا، فإنّه يركّز على ما كان منها ذا مساس بالشروط الموضوعية لنشأة حركة نقابية في صفوف مدرّسي الجامعة العمومية التونسية. ومن خلال تتبع تاريخي استعادي مطعّم بتحليل سوسيولوجي للسمات الفارقة لجسم مدرسي الجامعة العمومية التونسية من حيث التوزّع الصنفي خاصة، يضع النص تحقيبا لتاريخ حركتهم النقابية تأسس على مؤشرات ثلاث هي البنية التنظيمية في علاقتها بديمقراطيّة العمل النقابي، والتمثيلية الصّنفية في علاقتها بتشاركيّة العمل النقابي، والعلاقة مع قيادة المركزيّة النقابيّة الأهم ممثلة في الاتحاد العام التونسي للشغل وبما يُحيل على بعض وجوه موقع العمل النقابي الجامعيّ من الحركة النّقابية التونسيّة عامّة. وإذ يقف النص على استنتاجات مفصلة تهم المؤشرات الثلاثة فهو يلقي بعض الضوء على الاستراتيجيات المطلبية لدى المنظمات النقابية الممثلة لمدرّسي الجامعة التونسية. وبعد تفحص بعض مكوّنات تلك الاستراتيجيات، يقيّم النص ما كان في سياق العمل على تنفيذها من مشاركة وتشاور وتخطيط. ويربط النص مدى ديمقراطية الممارسة النقابية بالسياق السياسيّ العام ومدى تيسيره لممارسة الحريات السياسية والنقابية وصولا إلى تفجر الحركة الاحتجاجية المطلبية بداية من 17 ديسمبر 2010.