تعتبر الحركات البيئيّة، مثلها مثل سائر الحركات الاجتماعيّة المعاصرة، من أهمّ مجموعات الضغط التي ساهمت، ولا تزال تساهم، في تغييرات التوجّهات الثقافيّة داخل المجتمع. ورغم وجود بعض من الدراسات تتناول هذه الحركات في لبنان، إلاّ أنّ ولا واحدة منها بحثت في ديناميّة الخلفية الاجتماعيّة للفاعلين داخل الحركات المشار إليها، وللقيم التي يؤمنون بها؛ وهي خلفيّة وقيم من المفترض أنْ تكشف عن البيئات الاجتماعيّة التي ينتسب إليها الفاعلون المعنيّون، وتوجّهاتهم الثقافيّة، ذات الأثر المباشر على طرح مشاريع التغيير الثقافيّ الذي تسعى إليه هذه الحركات، وعلى قدرتها على تحقيق ما تصبو إليه. وذلك داخل سياق تكوين اجتماعيّ طوائفيّ خاص بلبنان؛ سياقٌ ينتج قيمه الخاصّة التي قد تتعارض أحيانا مع القيم العالميّة الخاصة بالديمقراطيّة والعدالة والحريّة. تبحث الدراسة في قدرة الحركات البيئيّة في لبنان على إحداث التغيير في التوجّهات الثقافيّة للمجتمع مع فاعلين اجتماعيّين منقسمين بين قيمٍ عالميّةٍ تستند إليها الحركات الاجتماعيّة المعاصرة، وبين قيمٍ دينيّةٍ واجتماعيّةٍ تتعارض كلّها أو قسم منها مع القيم الأولى.