إن البحث عن الطبيعة الاجتماعية للحرب خوّلنا البحث في البنى الانعكاسية التي أنتجت لنا ظاهرة الحرب، من خلال تحديدنا سمات الترابط بين طبيعة التنظيم الاجتماعي وآليات إعادة إنتاج الحرب. وقد كان لزامًا علينا أن نحدد مدخلً لفهم هذا التفاعل الذي أفضى إلى تحديدنا ثلاثة مداخل لفهم الطبيعة الاجتماعية للظاهرة من خلال: زمن الحرب، وآليات إنتاج الزعامة الحربية، وحالة الشر أو «الغزي » التي عرفها المجال البيضاني، وهو ما أوجد لدينا نوعًا من الاقتناع بملازمة الحرب جوهر اشتغال القبيلة من جهة، وكشف لنا عن بعض عناصر الاختلاف بين سمات الحرب في كلٍّ من الإمارة والقبيلة من جهة أخرى؛ فكما أن الحرب في الإمارة تخضع للطبيعة السياسية شبه الممركزة نوعًا ما، وهو ما سمح بتداول الحرب في قالب يتمحور حول شخصية الأمير والقبائل المنضوية في الإمارة، وبين الحرب في المجتمع القبلي، الذي يشمل الساحل وبلاد الحوض، التي تحتفظ بتنظيم اجتماعي وسياسي للحرب، لكنه لا يرقى إلى صيغة المركزية السياسية كما في الإمارة، فإننا حاولنا أيضًا ملامسة حضور الحرب في المخيال الاجتماعي، مجسدة في قيمة حمل السلاح، وتبجيل المحاربين، من خلال إعادة صوغ الحوادث الشفوية وإلباسها طابعًا أيديولوجيًا يستند إلى رؤية خاصة للتاريخ.