منذ السبعينيات من القرن الماضي، سَعت وكالات الدعم الدولي، بما فيها الوكالة الأميركية للتنمية الدوليّة والبنك الدولي لمساعدة الدولة المصرية في تخطيط عاصمتها القاهرة، حيث كان هدفها تعزيز دولة مصرية كفوءة إداريًا وقادرة، مثلًا، على التعامل مع مشكل التعمير غير الرسمي للأراضي الزراعية في أطراف المدينة، وذلك عبر توجيه نموّ المدينة نحو المواقع المخططة والمخدومة في الصحراء. ولكن تلك المبادرات غالبًا ما فشلت كليًا؛ فقد رفض المسؤولون المصريون التعامل مع عملية التَمَدْين غير الرسمي، ووقعت تلك المشاريع في فخ الصراعات البيروقراطية للسيطرة على الأراضي الصحراوية القيّمة. تحاول هذه المقالة فحص هذه الممارسات التخطيطية الفاشلة، أوّلً من أجل قراءة ما تشير إليه من توزيع للقوّة في النظام الاستبداديّ منذ سنة 1952 ، الذي تمّ تحديه عبر إسقاط الرئيس حسني مبارك في شباط/ فبراير 2011. ونستنتج من ذلك أن فشل تلك المشاريع تشخّص طبيعة النظام الإقصائيّة وفاعليّة مراكز القوّة المستقلّة مثل الجيش المصري. ثانيًا: تتابع المقالة كيف ساهم النظام السياسي بتشكيلِ نموّ القاهرة الخارج عن السيطرة عبر تقييد كفاءة الدولة المصرية لإدارته. وهكذا يكشف التخطيط الحضري في القاهرة كيف نُقشت علاقات السلطة الاستبداديّة على الفضاء الاجتماعي المصري.