أُعْنَى في هذه الورقة بالنّظر في حدث وصول الإسلاميّين إلى الحكم في تونس باعتبار ذلك حدثا مهمّا في تاريخ البلاد المعاصر، فقد ظلّ الإسلاميّون في معزل عن تولّي مقاليد السّلطة منذ تأسيس ما يُسمّى بدولة الاستقلال. وقد أتاحت لهم ثورة 14 جانفي 2011 فرصة العودة للانخراط في النّسيج المجتمعيّ المدنيّ والفعل في المشهد السّياسي. وكان أن استثمرت حركة النّهضة ذات المرجعيّة الإسلاميّة ماضيها النّضالي على أحسن وجه، فقد أسهمت حقبة الظّلم والأحاديّة الحزبيّة في الدّولة القامعة في إبرازها في موقع المعارض الجادّ للدّيكتاتوريّة، واحتلّت مكانة مهمّة على جبهة نقد النّظام المستبدّ. وقد كانت انتخابات 23 أكتوبر 2011 تجربة ديمقراطيّة فريدة في تاريخ البلد، أدّت إلى التّمكين لحركة النّهضة داخل الاجتماع التونسي ومنحتها مزيدا من الشرعيّة، وذلك بعد فوزها بأغلبيّة المقاعد في المجلس التأسيسي، وهو ما أهّلها لتشكيل الحكومة وقيادة البلاد في هذه الفترة الانتقاليّة الدقيقة.