أصبح موضوع العنف في المجتمعات العربية الإسلامية مادة خصبة لوسائل الإعلام والمراكز البحثية الغربية. وكثيرًا ما تُنتج هذه الهيئات خطابًا إثنومركزيًا بشأن العنف والمجتمعات العربية الإسلامية، بسبب جهلها بالسياقات التاريخية التي تجري فيها هذه الأحداث العنيفة. وغالبًا ما يربط رجل الشارع في الغرب بين الإسلام والعنف بسبب تراكمات تاريخية، وضغط وسائل إعلام ومراكز بحثية لا تمتلك الأدوات النظرية والمنهجية الضرورية لإنتاج خطاب علمي حول هذه الظاهرة في هذه المجتمعات. تحاول هذه الورقة البحثية أن تقترب من موضوع العنف في علاقته بالسلطة السياسية انطلاقًا من مفهوم العلمانية والعلمنة، من خلال الاستغلال العلمي لما أتاحته بعض الدراسات والنظريات بشأن العلمانية. يسمح لنا هذا المفهوم ببناء براديغم نظري يتيح لنا قياس مدى سلمية فضاء الصراع على السلطة في مجتمع ما، من خلال معرفة مقدار علمنة أدوات الصراع على السلطة وطبيعة الموارد التي يجندها المتصارعون عليها. من خلال دراسة للحالة الجزائرية، سنتعرف إلى الأسباب السياسية التي أنتجت عنف سنوات الحزب الواحد( 1962- 1990)، وعنف ما بعد التعددية الحزبية (بعد سنة 1990). النتيجة التي توصلنا إليها هي أن دراسة العنف يجب أن تأخذ دائمًا في عين الاعتبار مدى علمنة – أو درجة علمنة – السياق التاريخي الذي يحدث فيها، وإلّا سيسقط الباحث في خطاب إثنومركزي يحاول أن يصبغه صفة العلمية.